مع دخول فصل الصيف يزداد شغف المغاربة بفن “التبوريدة” أو الفروسية التقليدية التي تتصدر المشهد في مختلف الحفلات والمهرجانات والمواسم الشعبية، والتي يفوق عددها مائة تظاهرة عبر جهات المملكة ويُعد هذا الفن الفرجوي التراثي أحد أبرز رموز الهوية الثقافية المغربية لما يحمله من دلالات رمزية عميقة ترتبط بالشجاعة والبطولة والانتماء للأرض كما يتخلله عدد من الطقوس ذات البعد التاريخي والديني والاجتماعي ما يمنحه خصوصية تميّزه عن باقي فنون الفرجة الشعبية.
كلميم.. قبلة للفروسية التقليدية
في هذا السياق شهدت مدينة كلميم بوابة الصحراء المغربية تنظيم النسخة الثانية عشرة من مهرجان “أسبوع الجمل” أحد أكبر وأشهر المهرجانات جنوب المملكة والذي صار محطة سنوية تستقطب جمهورًا واسعًا من داخل الوطن وخارجه وينظم هذا الحدث البارز تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده من طرف جمعية مهرجان كلميم للتنمية والتواصل بشراكة مع عدد من الفاعلين المحليين والجهويين وبدعم من السلطات الترابية.
دورة هذه السنة التي عرفت حضورًا جماهيريًا كبيرًا عاشقة لفن التبوريدة حيث تم تنظيم مسابقة جهوية شاركت فيها عدد من السربات القادمة من مختلف الأقاليم قدمت لوحات فنية جماعية عكست المستوى العالي الذي بلغه الفرسان في تنسيق الحركات وترويض الخيول والتحكم في التوقيت خاصة خلال طلقات البارود الموحدة التي أبهرت الحضور وأعادت إلى الأذهان مجد الفروسية المغربية.
سربة نسائية من القنيطرة تكتب لحظة فارقة
ما ميز دورة هذه السنة بشكل لافت، هو مشاركة سربة نسائية جاءت خصيصًا من مدينة القنيطرة في أول ظهور نسائي رسمي ضمن مسابقة التبوريدة بمهرجان أسبوع الجمل. وقد أثار هذا الحضور إعجابًا كبيرًا لدى الجمهور واعتبره كثيرون نقطة تحول تاريخية في مسار الفن حيث قدمت الفارسات عروضًا محترفة تؤكد أن المرأة المغربية قادرة على اقتحام ميادين التراث الذكوري بإتقان وحب واعتزاز بالانتماء.
ختامًا
يبقى مهرجان أسبوع الجمل بكلميم نموذجًا حيًا على قدرة الموروث الثقافي المغربي خاصة فن التبوريدة على التجدد والتألق، وعلى احتضان كل الطاقات رجالًا ونساء في سبيل صون التراث اللامادي وتعزيزه في الحاضر والمستقبل.
ومع كل طلقة بارود تنفجر في السماء او في الارض على طريقة جنوب الصحراء تتجدد صلة المغاربة بذاكرتهم الجماعية وتعلو صيحات الفخر والاعتزاز، معلنة أن التبوريدة ليست فقط فنًا بل حكاية أمة.
التعليقات مغلقة.