لماذا يأتون إلينا؟.. قراءة في سر الجاذبية الإماراتية. /علي عبدالله الأحمد

2

حينما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أن دولة الإمارات استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 167 مليار درهم (45 مليار دولار) خلال عام واحد، بزيادة قدرها 48% عن العام الذي سبقه، لم يكن ذلك مجرد رقم اقتصادي يُضاف إلى جداول الإنجاز، بل هو شهادة حية على نضج تجربة، وصدق رؤية، وعدالة مجتمع.
فالاستثمار، بطبيعته لا يجامل ولا يخضع للعاطفة. المال يبحث عن بيئة مستقرة، عن نظام عادل، عن فرص حقيقية، عن مكان يشعر فيه صاحبه بالأمان لا الغربة، وبالتمكين لا القيود. وعندما تختار نسبة 37% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المنطقة أن تأتي إلى الإمارات، فهذا يعني أن هناك ما هو أعمق من الجاذبية الاقتصادية المحضة.
* أولاً: عدالة القضاء… الكلمة الفصل
في بيئة لا يعلو فيها صوت فوق صوت القانون، يشعر المستثمر، كما المواطن، أن حقوقه مصانة، وأن النزاعات تُحسم بناءً على الأدلة لا الأسماء، وعلى المبادئ لا الجنسيات. العدالة في الإمارات ليست امتيازاً، بل هي قيمة متاحة للجميع. قضاء نزيه، مستقل، لا يُخضع القانون لرغبة، ولا يخضع لرغبة من هو أقوى، وهذا وحده يخلق ثقة تدفع أصحاب الأموال لوضع رؤوس أموالهم في السوق الإماراتي، دون خوف من العبث أو الابتزاز أو المحاباة.
* ثانياً: مستوى المعيشة… رفاهية لها جذور
لا يكفي أن يُؤمَّن للمستثمر مكتبه أو مصنعه، بل لا بد أن تُؤمَّن له حياة. الإمارات تقدم مستوى معيشة رفيعاً، في بيئة حضرية متقدمة، وبنية تحتية ذكية، وخدمات صحية وتعليمية وسكنية من الطراز العالمي. هذا لا يجذب المستثمر فقط، بل يجعل من بلاده الجديدة وطناً ثانياً له ولأسرته. في الإمارات، لا يشعر بالغربة، لأنه يرى في الشوارع أناساً من ثقافته، ويتحدث بلغته من يخدمه في المؤسسات، ويحتفل معه أصدقاؤه بأعياده الدينية.
* ثالثاً: الحق في النجاح… بلا قيد أو شرط
ما يميز الإمارات أنها لا تضع سقفاً لطموح أحد، ولا تعرقل مسيرة أحد بسبب جنسيته أو دينه أو لونه. من يعمل بجد، يُكافأ. ومن يبدع، يُحتضن. ومن يخطئ، يُحاسب. هذا الإنصاف الاقتصادي والاجتماعي هو الذي يجعل رواد الأعمال والمستثمرين وحتى الموظفين، يعتبرون الإمارات أرض الفرص لا الشعارات. فكم من قصص نجاح بدأت صغيرة في الإمارات، وها هي اليوم تُدرّ المليارات وتوظف الآلاف وتُلهِم الملايين.
* ليس فقط بيئة جاذبة… بل مجتمع مضياف
ما يُدهش القادمين إلى الإمارات ليس فقط القوانين، ولا البنية التحتية، بل النسيج الإنساني المتماسك. تعيش أكثر من 200 جنسية في الدولة، من دون توترات ولا عزلات ثقافية، بل في تناغم قلّ نظيره. من يزور الإمارات لا يشعر أنه غريب، لأن الغربة تنتهي عندما يجد الإنسان الاحترام، وهذا ما تقدمه الإمارات بسخاء: الاحترام للإنسان كإنسان.
* خلاصة الرؤية
الإمارات لا تسعى لجذب الاستثمارات بالأرقام فقط، بل تسعى لاحتضان الإنسان، والمشروع، والفكرة. هذه الدولة الشابة صنعت لنفسها مكانة لأنها آمنت أن رأس المال الذكي لا يأتي إلى حيث تُرفع الشعارات، بل إلى حيث تُحترم القوانين، وتُصان الكرامات، وتُحتَرم العقول.
وقد يكون من السهل على دول كثيرة أن تضع تشريعات، وتُؤسس مناطق حرة، وتمنح تسهيلات، ولكن من الصعب جداً أن تبني ثقة، وتخلق بيئة يشعر فيها المستثمر بأنه في وطن لا في محطة عبور. وهذا بالضبط ما فعلته الإمارات.
ما بين عدالة القضاء، وجودة الحياة، والحق المطلق في النجاح، صنعت الإمارات ثلاثية الجذب الحقيقية. لذلك، فإن تدفق الأموال إلى أرضها ليس مجرد قرار مالي، بل هو تصويت ضمني على نجاح النموذج، وإقرار عالمي بأن هذه الأرض، التي شُيّدت بالرؤية والرحمة والعقل، تستحق أن تكون في قلب العالم، كما أراد لها مؤسسوها، وكما أراد لها قادتها اليوم.

المصدر : الخليج

التعليقات مغلقة.