تقرير: حملة المقاطعة في المغرب تشلّ التجارة مع “إسرائيل”
حملة BDS المغرب تنجح في أن توقف بشكل شبه كامل توريد المنتجات والسلع المغربية إلى إسرائيل، بعد تصاعد الضغط الشعبي ضد الشركات المصدّرة، مما يعكس رفضًا شعبيًا عربيًا مستمرًا للتطبيع مع إسرائيل.
حراك في الرباط مناهض لحرب الإبادة على غزة (Getty Images)
تشهد العلاقات التجارية بين المغرب وإسرائيل تراجعًا حادًا بسبب تصاعد حملة المقاطعة التي تقودها حركة BDS المغرب في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما أدى إلى توقف شبه كامل لاستيراد منتجات مغربية إلى الأسواق الإسرائيلية.
ومن أبرز المنتجات المغربية التي اختفت من السوق الإسرائيلية الكسكس، بحسب موقع “واللا” الإسرائيلي، السردين، والزيتون، والأنشوجة والصلصات، والتي كانت تُباع بكميات كبيرة منذ تطبيع العلاقات بين الجانبين في إطار “اتفاقيات أبراهام”.
وفي عام 2022، بلغت قيمة الواردات الإسرائيلية من المغرب نحو 80 مليون دولار، لكن اليوم، تكاد هذه التجارة تختفي تمامًا، نتيجة ضغط متواصل من حركة المقاطعة التي استهدفت الشركات المغربية المصدّرة لإسرائيل، بحسب التقرير.
ولفت التقرير إلى أن الضغط الذي مارسته حركة المقاطعة دفع بعض هذه الشركات إلى الإعلان عن وقف تعاملاتها مع السوق الإسرائيلية؛ رغم أن العلاقات الرسمية بين المغرب وإسرائيل لم تشهد تغييرات جذرية منذ بدء الحرب على غزة.
وبات تأثير المقاطعة واضحًا في المجال التجاري. ويأتي ذلك في سياق دبلوماسي حساس، إذ إن إسرائيل تورد نحو 11% من إجمالي الواردات العسكرية المغربية، وفقا لتقرير أورده معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري – SIPRI).
ومع تصاعد الوعي الشعبي بأهمية المقاطعة، يبدو أن المغرب بات يمثل نموذجًا ناجحًا في الضغط على الشركات لوقف التعامل مع إسرائيل، مما يعزز إستراتيجية BDS في التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي عبر تعطيل علاقاته التجارية الدولية.
وإحدى أبرز الحملات التي قادتها BDS المغرب استهدفت شركة “داري” المغربية المتخصصة في إنتاج الكسكس والمعجنات، حيث أطلقت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم “#داري_لن_يدخل_داري”.
ودعت الحملة إلى مقاطعة الشركة حتى توقف تصدير منتجاتها إلى إسرائيل. وقال الحربمة في بيان لها “إننا كمغاربة ملتزمين بالمقاطعة، نرفض تسويق منتجات ’داري‘ إلى الذين يدعمون سياسات تنتهك حقوق الفلسطينيين الأساسية”.
ومع تصاعد الضغط الشعبي، ظهرت شائعات حول استثمار شركة “تومر” الإسرائيلية في “داري”، ما دفع الأخيرة إلى إصدار بيان تنفي فيه أي علاقة استثمارية بإسرائيل، مؤكدة أنها لن تواصل تسويق منتجاتها في إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين الذين يواجهون “مأساة إنسانية”.
وأكدت الشركة أن منتجاتها كانت تُباع في إسرائيل بناءً على طلب مجموعة محدودة من المستهلكين ذوي الأصول المغربية، وأشارت إلى أن هذه المنتجات كانت متاحة أيضًا في الأسواق الفلسطينية.
المستوردون الإسرائيليون يقرّون بتأثير المقاطعة المغربية
واعترف المدير التنفيذي لشركة “تومر” الإسرائيلية، دورون كيميلوف، المستوردة الرئيسية لمنتجات “داري”، بأن المقاطعة المغربية جعلت من المستحيل إدخال هذه المنتجات إلى إسرائيل، بحسب ما أورد موقع “واللا”.
وقال إن “المشكلة ليست مع أصحاب الشركة، بل مع الشارع المغربي. حركة BDS تحرّض ضدنا، وهناك رفض تام لدخول الحاخامات إلى المصانع للإشراف على إجراءات الكشروت (الطعام الحلال وفق الشريعة اليهودية)”.
وتابع “كما أنهم يرفضون وضع ملصقات باللغة العبرية على المنتجات”. وأضاف أن استيراد المنتجات المغربية توقف تمامًا منذ بداية الحرب على غزة، رغم توفر مخزون استمر لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، لكنه انتهى دون القدرة على تجديده بسبب المقاطعة المتزايدة.
وشدد على أن “داري” علامة تجارية قوية، وقال “لقد وصلنا بها إلى حصة سوقية تبلغ 18%، وأنا لا أستبدل سيارة فولفو بسيارة سوسيتا (في إشارة إلى عدم التخلي عن العلامة التجارية بسهولة). لست غاضبًا من أصحاب الشركة، لأنهم عالقون بين المطرقة والسندان”.
وتابع “قالوا لي: لننتظر حتى نهاية الحرب. وعندما بدأ وقف إطلاق النار في غزة، سألتهم إن كان بإمكاننا استئناف العمل، لكنهم طلبوا مزيدًا من الوقت”، كما أشار إلى أحد مصانع السردين، وعد باستئناف الإنتاج لإسرائيل مطلع آذار/ مارس المقبل، لكنه شدد على أنه لا يوجد أي جدول زمني واضح لعودة الاستيراد من المغرب.
ورغم أن حملة تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، التي قادها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى تحت عنوان “اتفاقيات أبراهام”، قد أفضت إلى معاهدات تطبيع بين أنظمة عربية وإسرائيل، إلا أنها لا تزال تواجه رفضًا شعبيًا واسعًا في العالم العربي.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض واستعداده لاستئناف هذه الجهود في ولايته الثانية، يبقى التطبيع محصورًا في الإطار الرسمي، دون أن ينعكس على الشعوب التي تواصل التعبير عن رفضها له بمختلف الوسائل، خاصة في أعقاب حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
التعليقات مغلقة.