الاتحاد الاشتراكي : إرث عائلي قابل للتوريث و التدوير بلا خجل

0

لقد بلغ السيل الزبى و ما عاد في الصمت حكمة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم يُهزَم من الخارج بل نُحر من الداخل نحرا هادئا و باردا، على يد من يُفترض أنه كاتبه الأول، لكنه في الحقيقة كان آخر من كتب في تاريخه سطرا مشينا .
نعم، نحن نتحدث عن إدريس لشكر الرجل الذي حول الحزب إلى حقيبة خاصة يتنقل بها بين دوائر الدولة و مجالس التزكية و حفلات الولاء الشخصي، الرجل الذي لم يقُد الاتحاد بل استهلكه، و امتطى تاريخه كأنما هو إرث عائلي قابل للتوريث و التدوير بلا خجل..
لن تخدعنا اللافتات؛ ما يُسمى اليوم بالاتحاد الاشتراكي لا علاقة له بالحزب الذي حمل السلاح الرمزي في وجه الاستبدال، و وقف في وجه تحكم الدولة و دفع مناضلوه الثمن باهظًا من حريتهم وأعمارهم ..
ما لدينا اليوم هو هيكل حزبي مسلوب الإرادة، يُدار من فوق، و يتغذى على الإقصاء، و يعيش على هامش السلطة كأداة للاستخدام المؤقت أما المؤتمرات فهي عروض مرتبة مسبقا نتائجها معروفة وخطاباتها ممسوخة ولجانها تحت الطلب وكل من يعترض يُقصى يُخوّن يُخفت صوته أو يُدفن سياسيا..
لقد نجح إدريس لشكر في شيء واحد أن يُحيّد كل صوت يمكن أن يُنافسه، لكنه فشل في كل شيء آخر، فشل في تجديد الحزب، فشل في بناء مشروع سياسي مقنع، فشل في استقطاب الشباب، فشل في استعادة اليسار، و فشل قبل كل شيء في الحفاظ على كرامة الاتحاد..
و لأنه يدرك هذا الفشل، فقد لجأ إلى أخطر ما يمكن أن يُرتكب باسم الزعامة “قتل البدائل”، و لأنه لا يريد أن يُحاسب اختار أن يُمدَّد، و لأنه يخاف من التاريخ استعمل ذاكرة الحزب كدرعٍ واقٍ من النقد، و كأن تاريخ الاتحاد صار حائطا يختبئ خلفه، لا شرفا ينبغي صونه..
لنكن صرحاء ما تبقّى من حاشية لشكر ليسوا مناضلين بل مستفيدين، رجال ونساء يعرفون تماما أن سقوط الزعيم يعني سقوط امتيازاتهم، لذلك يدافعون عنه كما يُدافع التابع عن مَن يطعمه لا مَن يُلهمه…
يرفعون صوره في المؤتمرات لا حبا فيه، بل خوفا على مقاعدهم، أما الحزب فغائب، أما القواعد فمُحبطة صامتة أو منفية من الهياكل إلى أين؟ إلى لا شيء هل لدى إدريس لشكر مشروع سياسي، لا؟ هل لديه رؤية للمجتمع؟ لا هل لديه نَفَس حزبي يؤمن بالتداول؟ لا، كل ما لديه هو رغبة شرسة في البقاء، و لو على أنقاض حزب بأكمله، حزبٌ ضحّى برجاله بنسائه بفكره بخطابه و بلونه في سبيل بقاء رجل..
كفى
نقولها اليوم دون تردد ارحل يا إدريس لشكر فنحن لا نكرهك ولكننا نحب الاتحاد ارحل لأن الحزب لم يعد يحتملك ارحل لأنك استهلكت كل ما لديك ولم يبقَ سوى ما ليس من حقك كرامة الحزب فلا تُكمل الإجهاز،.. وأخيرا هذا المقال ليس شتيمة بل شهادة وهذه ليست معركة مواقع بل معركة وجود إما أن يعود الاتحاد حرا مفتوحا مجددا وإما أن يظل رهينة رجل أراد أن يكون كل شيء فانتهى به الأمر بأن دمّر كل شيء.
#بقلم ميمونة داهي

التعليقات مغلقة.