كلميم.. الدكتـور عبـد الخالـق حسينـي يكتـب عن ديـوان الشاعـر الدكتـور سعيـد كويـس ( رَواء الـروح)

45

#گليميـــم:

  1. الدكتـور عبـد الخالـق حسينـي يكتـب عن ديـوان الشاعـر الدكتـور سعيـد كويـس ( رَواء الـروح).

في أجواء رمضان لهذا العام 1443هـ/ 2021، وبعد نزولي من منبر الجمعة، يتقدم نحوي صديق عزيز هو الدكتور والأديب سعيد كويس مبتسما كعادته، بمشيته الوقورة وكلماته التي تفوح بعطر الأدب وتواضع الكبار، فيفاجئني بهدية أدبية روحانية ديوانه الشعري الأخير (رواء الروح)، وهو باقة أشعار في “مـدح سيـدنا رسـول اللـه” عليه أزكى الصلاة والتسليم…

إنني أتابع الدكتور سعيد كويس من خلال مداخلاته وكتاباته، فهو باحث متمكن من أداب وفنون القول العربي والأدب القديم والحديث، فصيح اللسان، وخطيب مفوه يسبك كلماته سبك الصائغ لقلائد الذهب المرصع باللؤلؤ، خبير متضلع في “القاموس الحساني والفيلولوجيا الصنهاجية”، متبحر في قضايا الأدب والإبداع والخيال الصحراوي…

أدهشتني الموافقات الروحانية المؤثثة لهذا اللقاء المفاجئ: أجواء رمضانية وزمن الجمعة وفضاء بيت الله، وبأدبه وتواضعه المعهود المسقي من عراقة أسرة متجذرة، وقبيلتين عريقتين (كنتة) و (أيت لحسن)، يحدثني عن ديوانه، وإكراهات إخراجه وطبعه، وأنه يتغيا به المساهمة في إغناء خزانة المديح النبوي في الصحراء…

ينتسب الدكتور سعيد لأسرة التعليم، له باع عريق في مداعبة الحرف والنحو والشاكلة العربية، ذو صيت طيب بين أهل وادنون وبالأخص “أهل تيسگنان” علما وكرما ولين جانب…

وهذه الاعتبارات مجتمعة تعطي للهدية رمزية عميقة…

أمسكت بالديوان، ولولا شمس الظهيرة الحارقة لعكفت التهمه داخل السيارة وهي عادتي مع ما أنتشي به من مجلات وكتب…

وبمجرد ما لمحت عيناي العنوان (رواء الروح) سرت قشعريرة بجسدي كأني أتلقى خبرا مبهجا أنتظره طويلا…قلت في نفسي: “ها هو الوهاب سبحانه يكرمني بديوان في مدح سيدي رسول الله والزمن جمعة ورمضانا وفي رحاب المسجد..فأكرم بها من هدية وهنيئا لي بملامسة ورق شرفه الله بمداد يحمل اسم سيدنا وحبيبنا محمد“…

التقطت الإشارة حينها: “سيدي رسول الله يدعوني لمضاعفة الصلاة على جنابه في رمضان هذه السنة لأمر يعلمه هو وحده، ليقضي الله أمرا كان مفعولا “…

شكرت صديقي سعيد، وتوجهت رأسا إلى البيت كأني فزت بطريدة دسمة بعد طول جهاد، على عجل طرحت لباس الجمعة، وفتحت الديوان، وبدأت ألتهم الكلمات والأبيات، والصدر والعجز…وأمضغ القوافي مضغ الجائع الصائم عند الافطار، فكانت جمعة فريدة “بثلاث فرحات”…

من أول كلمة وهي (السفينة) تدرك أن الشاعر منطلق كابن بطوطة في رحلة روحانية طويلة…وعلى امتداد أربعة أبواب وهي: (خاتم الانبياء)، (بوح المجاز)، (رفقة المصطفى)، (رواء الروح) تلمس روحا صوفية ووجدانا عرفانيا يقدر قدر آداب دخول الحضرة النبوية…يعلن مبادئه الكبرى المؤسسة: دفاعه عن الخاتمية، وتحليقه في معاني مجاز النبوة، وعشقه ملاقاة وصحبة سيدنا النبي، وتوسل روحه بمقام وحضرة سيدنا رسول الله، وإعلانه أن الشوق والمنية والمقصود من مديحه قد قضي و استجيب له، إذ “ارتوت روح الشاعر”؛ وارتقت الى الشرب من (الحوض الذي لا ظمأ من مائه ابدا // والكوثر العذب…)

فهنيئا لك أخي سعيد بهذا المولود الجديد الذي أرجو أن تزيده مجازا، في عداد أبنائك وذريتك…

قدمه “نذرا” من بطن الشعر محررا يخدم جناب سيدنا رسول الله؛ ويدعو معك “أبا صالحا” بعد موتك ..وسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا..ولديوانك سلام مجدد وثناء…

دام قلمك يتلقى “وحي العشق النبوي” ويخط شعرا: ( يطير فراشات الى الافق لوعة // تعلله من مسكرات نسائمه.)..

وقبل الوداع أقول: الدكتور سعيد كويس يبادلنا حبا معرفيا ونبادله أضعافه؛ فهو من مدمني مواضيع خطبتي للجمعة ودروسي الوعظية، وأنا من المعجبين بفرادة جمعه بين ديداكتيك اللغة العربية، وأساليبه المبتكرة في “تقريب” الأسلوبية والنحو العربي للمتعلمين الصغار، وكذا قدرته على السمو بالخطاب النظمي لالتقاط أرقى الصور الشعرية التخيلية، مع قدرة عجيبة – يتمتع بها الدكتور- على اللعب مغوارا في ميدان الاتساع اللغوي…

ومسك الختام، فالدكتور سعيد كويس كفاءة ثقافية صحراوية تجاهد في ساحة إنتاج خطاب التوحيد والوحدة، تقدم وستقدم الكثير للقضية الوطنية من مدخل “الاستراتيجية الادبية”…

التعليقات مغلقة.