اختلالات خطيرة في تدبير مباريات التعيين بالشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة
شكاية نقابية تفضح اختلالات خطيرة في تدبير مباريات التعيين بالشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة وتطالب بتدخل عاجل للوكالة الوطنية للتسيير الاستراتيجي
في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها المرفق العمومي و تزايد المطالب بترسيخ مبادئ الشفافية و النزاهة، تفجرت داخل أروقة الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة قضية مثيرة تضع نزاهة تدبير الموارد البشرية على المحك.
فقد وجه المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للشغل، النقابة الأكثر تمثيلية بالمؤسسة، شكاية رسمية إلى مدير الوكالة الوطنية للتسيير الاستراتيجي و تتبع نجاعة أداء المؤسسات العمومية، تفضح فيها ما اعتبرته انزلاقًا خطيرًا في احترام الضوابط القانونية المنظمة لمباريات التعيين في مناصب المسؤولية.
و تتعلق الشكاية بعملية انتقاء داخلي لمنصب رئيس مصلحة بإحدى المديريات التقنية، حيث سُجل، و بشكل موثق، مشاركة عضو من لجنة الانتقاء في تقييم مترشحة تربطه بها علاقة قرابة مباشرة، ما يشكل – وفق الشكاية – حالة تضارب مصالح صارخة تضرب في العمق مبدأ الحياد، وتفقد العملية كل مشروعية قانونية أو أخلاقية.
و تستند النقابة في طعنها على مرجعيات قانونية واضحة، من ضمنها المرسوم 2.12.412 المتعلق بتعيين رؤساء الأقسام و المصالح، ومنشور رئيس الحكومة رقم 01/2018، و كلاهما ينص صراحة على ضرورة تفادي كل وضعية تؤثر على مبدأ تكافؤ الفرص وتخل بالتجرد و الموضوعية الواجبين في تقييم المترشحين.
المثير في الأمر أن هذه ليست الحالة الأولى، فقد أكدت النقابة في شكايتها أنها سبق أن راسلت الإدارة العامة للشركة، محذرة من سوء تدبير ملف الموارد البشرية و غياب معايير واضحة في امتحانات الكفاءة المهنية، دون أن تلقى آذانًا صاغية، مما يزيد من حدة التوتر داخل المؤسسة و يقوض الثقة في منطق الاستحقاق.
و في هذا السياق، طالبت النقابة بما يلي:
– فتح تحقيق إداري شفاف ومستقل في ملابسات هذه العملية؛
– تفعيل مبدأ المساءلة الإدارية في حال ثبوت إخلال بقواعد الحياد؛
– مراجعة شاملة لمنظومة تدبير المباريات داخل المؤسسة، وفقًا لمعايير الكفاءة والنزاهة.
و تطرح هذه القضية أسئلة عميقة حول مدى فعالية منظومة الرقابة الداخلية، و دور المؤسسات الوسيطة في حماية المرفق العمومي من الانحرافات التدبيرية التي قد تُنتج مناخًا من الإقصاء والتهميش بدل التحفيز و التكافؤ.
فهل تتحرك الوكالة الوطنية للتسيير الاستراتيجي في الوقت المناسب لتصحيح المسار، أم أن منطق الإفلات من المحاسبة سيظل يحكم تدبير الكفاءات داخل الإعلام العمومي؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.
التعليقات مغلقة.