إقليم أسا الزاك، المنتمي لجهة كلميم وادنون، أزمة تنموية بنيوية
يعاني إقليم أسا الزاك، المنتمي لجهة كلميم وادنون، من أزمة تنموية بنيوية تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة، تعثر المشاريع الاجتماعية، وتنامي الشعور بالإقصاء في أوساط الساكنة، وسط اتهامات متزايدة بسوء التسيير واستغلال النفوذ ونهب المال العام. فقد أظهرت المعطيات الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط خلال سنة 2024 أن معدل البطالة بالإقليم بلغ 49,3 في المئة، وهي من بين أعلى النسب المسجلة على الصعيد الوطني، مما يعكس فشلًا واضحًا في السياسات العمومية المعتمدة محليًا في مواجهة تحديات التشغيل.
ورغم المبادرات التي أُطلقت تحت يافطة “مشاربع الإقتصاد الإجتماعي والتضامني” من قبل السلطات الإقليمية والمجلس الإقليمي، فإن غالبية هذه المشاريع لم تحقق الأهداف المرجوة، نتيجة ضعف آليات المواكبة والتأطير، إضافة إلى غياب تقييم فعلي لمدى قابليتها للتنفيذ والاستدامة. كما أثارت تقارير محلية وشهادات من فعاليات مدنية تساؤلات مشروعة حول معايير الاستفادة من هذه البرامج، وسط اتهامات بوجود انتقائية ومحسوبية في توزيع الدعم.
في السياق ذاته، تتواتر المعطيات التي تتحدث عن اختلالات في تدبير الشأن العام بالإقليم، خصوصًا ما يتعلق بتنفيذ الصفقات العمومية وتدبير ميزانيات المشاريع التنموية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن عددًا من المشاريع المعلنة لم تُنجز على النحو المطلوب ولا تحترم دفاتر التحملات أو بقيت حبيسة الأوراق، ما يثير الشكوك حول وجود شبهات الفساد وتبديد للمال العام وغياب لآليات المراقبة والمحاسبة الفعلية. ويعزز هذه الانطباعات غياب تقارير تقييمية دقيقة وشفافة تُمكّن الرأي العام من الاطلاع على كيفية تدبير المال العمومي على المستوى الإقليمي.
من جهة أخرى، شهد الإقليم خلال الأشهر الماضية موجات احتجاجية نظّمها أبناء الشهداء ومكفولي الأمة وأبناء قدماء العسكريين وقدماء المحاربين، للمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق بالولوج إلى التشغيل والسكن. وعبّر المحتجون عن استيائهم مما وصفوه بـ”سياسات الإقصاء والتجاهل”، مؤكدين أن تضحيات آبائهم في خدمة الوطن لم تُقابل بما يليق من اعتراف رسمي وإنصاف فعلي.
ويُسجّل عدد من الفاعلين المسؤولين الإقليميين يعمدون إلى استثمار الخطاب الوطني ورمزية الانتماء للمؤسسة العسكرية كوسيلة لدرء الانتقادات وتحصين أنفسهم من أي مساءلة، وهو ما يراه متتبعون أمرًا مقلقًا يمس بجوهر الممارسة الديمقراطية التي تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.
أمام هذا الوضع المتأزم، تتعالى أصوات المجتمع المدني والحقوقي مطالبة بتدخل مؤسسات الرقابة الوطنية، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات وهيئات التفتيش الوزارية(المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية)، لإجراء افتحاص شامل لكافة البرامج والمشاريع المنجزة بالإقليم وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية، في أفق إعادة الثقة إلى الساكنة، وبناء نموذج تنموي محلي منصف وشفاف.
التعليقات مغلقة.