لقضايا بقايا في موريتانيا

432

القصر الكبير : مصطفى منيغ

في إفريقيا دولة تحترم الآن نفسها لا يتعالى عنها صُداع ولا يُسمَع منها ما هو عيب ، قانعة ومِن عهد بائد بما اعتبرته دوماً نصيب  ، فعاشت على سجيتها لا هي منعزلة مع الأصيل البعيد ولا مندفعة مع الحداثة بما عساه لها قريب ، إذ ما وراء الأطلس لُعَب الطمَعِ منهمرة من أفواهٍ أصحابها مزيج مِن عدو وحبيب ، يبحثون عن موقع قدم ومِن أجله للصعب يقدِّمون كآلة تنقيب ، يغوصون بالطَّرْقِ الكثيف على أديم الأرض لفتح فجوة يتسرب منها نعيم ثراء عن التكاثر لا يغيب . لولاها وبعض من شقيقاتها كالعراق والأردن ومصر لضاعت لغة الضاد أو أصابها تَخْشِيب ، بعد رحيلها من شبه الجزيرة إلى حيث الشمس تميل لمغيب ، واجدة مَن احتضنها إملاءاً ونحواً بنطق سليم بغير تلعثم عنها غريب ، فكانت بمثل الصفة بلد المليون شاعر أقلهم لنداء العَرُوض وشروط النُّظْمِ أطْوَعَ مُجيب . بها الرّمال جمَّلها الجمال لتغدو ركناً يُقام لمقامه التوقير الجلل بمقدار له يستطيب ، فكان الرمز لوطن مثله رحب يعشق الحرية   ومتى  داعبته الرياح حاصرها بكثبان وكأنها أوتاد تُبقي لطبيعة المكان ما يخصها دون نقصان ذرة أو ينال منها أي تسريب . إنها موريتانيا العريقة في أشياء يتطلب حصرها استحضار نبغاء العلوم وشرفاء المؤرخين ومبدعي السياسات القائمة على المصارحة دون خشية لائم ولا عناصر ترهيب ، ما دام الوضوح سيد بما يملك من معلومات له بريق لتَحرُّك المُجَمَّد عن قصد فالدفع بالأخير لسبل النفع السعيد وليس الانحراف الكئيب ، هي قضايا عمَّرت ربع تفاصلها وما تلى ذلك طواه النسيان أو يكاد بفعل فاعل ، إذ ثَمَّة نقط سوداء ، منها ما يلتصق بأسماء ، كان لها في ميدان الحُكم الشأن الباسط نفوذه للتصرف ضد إرادة الشعب ، فَغَدَا مصيرها التوقّف عند حد لم يقدر أصحابها على تجاوزه رغم حماية غير الموريتانيين ، لكن الخطأ المُرتكب من طرفهم عن ترخيصٍ غير مدروس العواقب نتيجته  الخسران المبين ، تاركاً التجربة سلبياتها ترن ، كلما فكَّر مَن فكر إعادتها بأسلوب مُغيِّر ليّن ، أقرب للاتفاق ، من وراء الكواليس عبر أي لقاء ، مُحَضَّر بذكاء مهما أتاحت الفرصة لمؤتمر يُعقَد مضمونه لا علاقة له بالموضوع ، وكما للسيئات فصول تتمدَّد شروحها على ألسنة البائعين أنفسهم بأبخس ثمن لتُبهِر ولو لحين ، هناك حسنات تطمس ما سبق ، وتنَشّط ما يَلحَق ، رافعة بالحق ، أي شعار به موريتانيا تفخر عن استحقاق ، منها ما أعلنته  يوم 22 مارس سنة 2010  وزيرة الشؤون الخارجية الموريتانية السيدة بنت حمدي ولد مكناس  عن قطع العلاقة الموريتانية  الإسرائيلية وإلى الأبد ، جاءت الصيحة المباركة مبددة ما بُذِلَ من مجهودات دبلوماسية مكثفة بدأتها إسرائيل عبر وزير خارجية اسبانيا السابق “خفيير صولانا” لتصل إلى استقطاب الرئيس معاوية ولد أحمد الطايع ليصبح صديق إسرائيل الذي لا يمانع في تطبيق طلباتها وإن بلغت حد تخزين النفايات النووية في قلب الصحراء الموريتانية وهو يعلم خطورة ما قد تسببه تلك الويلات من ضرر جسيم على نظافة التربة الموريتانية الشريفة ، بل الترخيص لتُجرِّب نفس الدولة الصهيونية قدرة وقوة صواريخها الطويلة المدى حينما تنفجر فوق التراب الموريتاني المُعيَّن مُسبقاً لذلك ، لتصبح موريتانيا مجرد حقل تجارب في موقع حساس المفروض الحفاظ عليه بعيداً عن مصائب ذي الأحجام الثقيلة ، التي قد تُفقد موريتانيا استقلالها رويداً رويداً لتصبح خاضعة لهوى احتلال لا يُرَى لكنه ملموس .

الحاضِرُ بما حَضَرَ ممَّن تحمَّسوا في الماضي للتغيير فيما حسبوه أصدق قرار ، فتوقفوا عند أول سطر لنص يُدوِّن الاستعداد للمستقبل ليختاروا الفرار ، المحسوب على التمويه وليس التنفيذ المنتَظَر ، ليتقدم الحاضر دون إزاحة مَن بسببها يتأخَّر ، ليبقى زمناَ متجمِّداً بما فيه وما عليه في مكانه يتكرَّر ، بين اجتماع واجتماع اجتماع بجدول أعمال بينها يتدوَّر ، كأن الإصلاح المنشود عدو لذود بغير توفُّر الإرادة السياسية لن يتقهقر ، قائم يظل شعاراً على ألسنة صنف  من البشر ، بعضهم لا يتقنون المعارضة  المحقِّقة الانتصار ، وإنما قطعة جبن مستورد بياضه يستهوي المتظاهرين بالتقدُّمية وهم عن ذلك صغار ، هندامهم خيمة ورزقهم بالكامل مُقَدَّر ينسبونه للأقدار ،  بخلاف من يتلقون التحية العسكرية أينما حَلُّوا بالليل أو النهار ، لا يتحدثون إلأ بالأوامر وإن سكتوا فعن غريب اختيار ، كل شيء يُمَرّرَ بمن حضر خلال حاضر طال بتدخل بعض الكبار ، حكام مثلهم البعض في العالم العربي لا يطيقون مَن يقلدون الثوار ، يحمِّلونهم دوماً مهما كانت العوامل او الظروف سوء أحوال الاستقرار . موريتانيا وكانت محترِمة نفسها كدولة ناشئة لا يُسمَع لها صُداع ولا يتصاعد منها عيب وبخاصة داخل إفريقيا ، بشعب كريم طيِّب محبٍّ للحرية بكامل مفهومها ، المُفعم بتقدير المسؤولية والانطلاق منها لممارسة تصرفاته المستمدة من القيام بالواجبات أو التعبير عن الرأي الشامل مختلف المستجدات لقضايا تتخلل مسيرته نحو التطور المنشود ، لكن الاحترام المذكور والحديث هنا عن الدولة كجهاز قيادي تنفيذي ، تأثر بأعمال غير مناسبة تناقض الطرق القويمة المفروض إتباعها غبر مراحل البناء لخدمة الشعب ، منها مسألة تسرّب إسرائيل لتُقابَل بالأحضان من طرف الحاسبين أنفسهم مجرد باحثين عن منافع شخصية ، خالية تماماً من صلاحية شعب يدافع عن وجوده ، ليستمرَّ كما شاء نظيفاً مرفوع الرأس مُهاب الجانب ، فكان الانقلاب على ذاك الرئيس المستحق عن جدارة لقب صديق الكيان الصهيوني ،  بمثابة عقاب يُذكِّر ألمنعدمي التفكير في قدرة سلطة الشعب التي تسمو فوق أي سلطة  مهما كانت ، أن مصيرهم السقوط في شر قراراتهم الخارجة عن إرادة الشعب الموريتاني العظيم ، ما تلى ذلك اعتلاء كراسي الحكم مَن كرَّسوا سياسة ملء جيوب “قلة ” على حساب صبر أغلبية دفعها اليأس أحيانا إلى الانشطار عن الوحدة الجماهيرية لتأسيس مجموعة من التيارات السياسية ، كل منها يسبح في عالم خاص بمستوى أفكارها ، أكانت محلية وطنية أصيلة صرفة ، أو مستوردة من نظريات مهما بدت براقة لا تناسب بيئة بلد أفريقي عربي مسلم في طريقة إلى النمو ، فكانت الحصيلة أن حكمت المحكمة على رئيس  سابق للدولة الموريتانية بخمسة أعوام حبساً نافذا عن فسادٍ حَصَدَ على إثره ما استولى عليه بطرق غير شرعية تضرب عرض الحائط ملكية الشعب لها .   

… الآن موريتانيا مرشحة للدخول في نفق لا مخرج لها منه إن ظلَّ نفس النمط مسيطراً على تدبير الشأن الوطني ، من لدن عقلية تسعى بكل السبل أن يتشبث الحاضر بمن حضر وعلى المستقبل الانتظار ، لا يهم الغد إن أتى بمن يورط الحكم الآني أزيد وأكثر ، مادامت القطيعة بينه و قوى الشعب الحية في تنامي وازدهار ، انطلاقا من فبراير 2024  حيث نجح رئيس حكومة المملكة الاسبانية “بدرو سانتيش” ورئس المفوضية الأوربية أورسولا فون ديرلاين ،  إثر زيارة رسمية قاما بها إلى نواكشوط ، من أجل التوقيع على اتفاقية تؤكد أن الحكومة الموريتانية ، ابتاعت مصيبة المصائب بأبخس ثمن ، وبدل الربح الوفير بضمان الحصول على تعاون مثمر يعود على موريتانيا بالنفع ، جلبت الصداع المتطوِّر ولا شك ، لإصابة المجتمع الموريتاني بعدد من المآسي الاجتماعية ، القادرة مع توالي الأيام على إزاحة مقومات الهوية الذاتية المحلية للشعب الموريتاني عامة ، بما يضاف إليها من عوامل دخيلة غير مناسبة لها تماما .

العيب ليس في السياسة  إن كانت مُؤسَّسَة على القوائم الثلاث ، التكيُّف مع البيئة الوطنية ومراعاة العقلية المحليَّة و احتواء الطموحات الممكنة  كخلاصة معمقة الدراسات والأبحاث ، بل العيب كله في مدبري هذه السياسة على أرض الواقع من نخبة حاكمة جمعها احتواء كل السلطات وفرقها التنافس غير المتوازن لدرجة عدم الاكتراث ، أن النجاح على صعيد القمة  يتطلب من المُدرَّج الأقل منصباً التنسيق والابتعاد عن الضيق وإتقان التريث لمقارنة المطلوب بالإمكانات المتوفرة وتحيين الأفعال لمطابقة النصوص القانونية  المعمول بها كأساس الأساس وليس  فقط من ضروريات الاستحداث ، فتسيير شؤون الدولة خارج الالتزام الكلِّي  بما سبق من اختيار الاختيارات (الباسطة توافقها مع كل التيارات المجتمعية المنصوص عليها في بنود السياسة المكتوبة ذات القوائم الثلاث المذكورة) كالقيام بالزرع دون محراث ، مسؤولية قيادة الدولة معادلة واضحة المكونات معمول لها ما يضمن التواصل المباشر مع شروط لا مناص من أخذها بعين الاعتبار لضمان وحدة الرؤى و القدرة على ابتكار ما يرسِّخ الاستقرار بتجديد إصلاح الإصلاح المانح الثقة المتبادلة بين دواليب حكم هذه الدولة والشعب الذي عن مصالحه العليا بَحَّاث . موريتانيا لها من المفكرين النبغاء ما يكفيها إن لم نقل يفوق احتياجها لوضع سياسة على مقياس يناسبها بيئة وعقلية وصواب طموحات أهلها المنطقية الايجابية الراعية حساب يوم الانبعاث ، فكان على حكامها اتخاذ ما يصبّ في تغيير جذري على شكل ثورة سلمية تهدف لإخراج البلاد من تكرار توالد الأزمات المسبِّبة حتى الآن في دوام البحث عن الحل باللجوء لما لا حَل َّ لِحَلِّ ما يفرزه من وضعيات لا يزيد الحالة المعاشة إلا تأزما على تأزم مهما فكروا في التكثير من الابتعاث ، فخصوصيات موريتانيا لا تُشابه إلا موريتانيا لذا وجب الاعتكاف على إخراج إمكاناتها الطبيعية وتوظيفها بما ينفع الشعب الموريتاني الذي يستحق كل خير مَن للأمجاد ورَّاث ، تلك الإمكانات وما أكثرها فوق الأرض الموريتانية البالغ مساحتها 1.030.700 كيلومتر مربّع نِعمها بالأثلاث ، كالرمال   الممكن  إحداث صنائع تكفي وتزيد  عن خلق مناصب شغل وتصدير ما يغطِّي حاجيات دول أخرى ،  وفي باطنها من معادن كالحديد والنحاس والذهب لا يقتصر الأمر على استخراجها وحسب بل ممارسة معالجتها بما يضاعف ثمنها في الأسواق الدولية وما تلك أحلام متنوعة الأضغاث ، دون إغفال شاطئها البحري الممتد علي 700 كيلومتر المحتاج لتطوير تجهيزاته الضرورية ليصبح للتنمية المنشودة كالنور رحب الانبثاث ، وبالتالي ميدان السياحة وموريتانيا لها من جمالية الصحراء ما يغري الباحثين عن مثل المناظر أضف لذلك الموقع الرابط اتجاهات أكثر من حضارة متجمعة في منهل قد تتقاسم   الإنسانية مراميها ككنز كنوز التراث . 

بساطتها لا تقلِّل من شأن واقع مُسيطَر عليها من سبعة عقود  ، بل شيمة تلتصق بعقول توارثت مصيرها في هذا الوجود ، بلا  تغيير للأفضل لها يعود ، قاطعة مراحل أطول ما فيها تكرار التجارب بوعي محدود ، قادها مَن اكتفوا بالجلوس على الكراسي وبالباقي على الظروف انتظاره ممدود ، كأنَّ المكان بلا زمان وسطه مَن ألِفوا استبدال الرؤساء عسى العثور على المحمود ، يسدُّ الطريق المنحرف بفتح ذاك المستقيم المسدود ، المنبعث منه ضوء الأمل يشفي كل مَن بالعبودية  ممعود ، بدواء هو لحقوق الإنسان المُعتقلة عمداً من طرف بعض السادة لأقصى حدود ، الخلاص من ظُلم ظلام موصول حتى الآن من عهد الجدود ، ربما الجرح الغائر يشكل سبباً يجعل الجسد الموريتاني لن يتوارى لون اصفراره بارتداء عامل الصمود ، إذ العالم قرية مكشوف كل متحرك داخلها بإشارات مصوَّرة من فضاء شاهق العلو عارضة لعبيد يشكلون بصمتهم الرهيب أغرب وفود ، موزعة أعدادها على أناسٍ لا يحترمون حرمة الألفية الثالثة وهم يتملكون بشراً مثلهم مكبلين بالقيود ، عبيداً تتقاذفهم الأوامر للقيام بأشغال

وكأنهم في غابة الاستغلال مجرَّد قرود .

… الظاهرة تتوارى إذ تُقابَل بحزمٍ يعيد للأصل المجتمعي الإنساني نقاوة أصله وليس بنثر الوعود ، حزم مفعم بالرعاية من طرف حكومات أهم مسؤولياتها القضاء المبرم على الحيف المطوِّق رقاب المُرغمين على حمل مذلة الرِّق لعرف مُتجاوز لا زال بعقلية مغرورة مشدود ، ليس بسن القوانين وتركها حبرا على ورق يتم المراد الواجب لمسه عوض  الإحساس به كخيال  إذ الأعداد مهولة و الجمهورية الإسلامية الموريتانية بهم كتقصير ملحوظ يشوب  الموضوع في المحافل الدولية يسود .  

… الدولة غلاف كتابٍ أوراقه مؤسسات ونصوصه قوانين تُضْبِط وتُنَظِّم ولونه علَم يرفرِف بالسيادة لأبَدِ الأُبُود ، بين الطبيعة جغرافية لها أدقَّ حدود ، ماضيه تاريخ مُتحرِّك للتجديد غير مقيَّد بجدران قاعة في متحف للفرجة الفكرية المتمعِّنة في تقرُّبه لسحر الخلود  ، وحاضره ابتكارات مدوَّنة بخصوصيات الكفاءات العلمية الأكاديمية الثائرة على كل أشكال ركود الخمود ، ومستقبله خلاصة نواياه بما بثَّه من فوائد تصقل عقول أجيال بشرية وتمدُّها بما تُنهي ما أنهاه غيرها من أجيال متعاقبة تلحم بعضها البعض معادلة الاستمرارية المتقدمة بالأفضل ما كان فاضلا ً والأحسن لما كان حَسناَ والأجود ممَّا كان به يجود .

الدولة الموريتانية كتاب يشابه ذات المواصفات غلافه صحراوي السمات يرمز لتوقيتٍ متأرجحٍ بين الوثبة المباركة المطلوبة و السائد مِن التريُّث المبهم مشهود ، محَرَّر بلغة الضاد فصيحة البلاغة سليمة التركيب المانحة سلاسة النطق بأقل مجهود ، بجمل جلها مفيدة تحصى للأسماء أبعادها للتركيز أزيد في الفهم المقصود ، قد تتخلَّل في سياقتها المُسترسلة أحياناً حروف عِلّة كالأجوف الجاعل من “كان” فعل ماضي ناقص تدفع بدل التأمل للشرود .

كلمات الحق الموصوفة بها الحقيقة مهما كانت صادمة ترضي ضمير كاتبها ، لا يهم ما يتلقاه عساه يميل لمنحَى المطبِّلين في المواسم السياسية وبخاصة في هذه الأوقات وموريتانيا بعد ثلاثة شهور من الآن قد تتعرَّض لامتحان اختيارِ مَن يقود شؤونها ، خلال مرحلة لا ولن ترحم أحداً لأسباب كثيرة ملخصة في جمل قليلة لكنها ، واضحة المعاني مفهومة لدى الجميع معارَضة وغير معارَضة ومَن لا تصانيف  سياسية تطالها ، هناك غضب في الطريق لأغلبية مشكَّلة من الفقراء والمحرومين والبائسين من تكرار نفس الإنتظارات دون فائدة تُذكر اللهم رسوم سلبياتها ، غضب من ورائه أبناء البلد المخلصين الأوفياء لثراها ، الراغبين في جعلها تحتل مرتبة مشرفة تحت شمس الحياة بعدما لسعها برد ضوء القمر كلما ظهر برومانسياته المعهودة الملهمة بعض شعراء الوقت الضائع المعهود في الكثير من الدول العربية التي عرتها ، حرب غزة ووضعتها خارج الوحدة التضامنية بما لها وما عليها ، دول مهما قدَّمت لن تصل لمستوى روح طفل رضيع أشلاؤه لا زالت موزَّعة على بقايا أبنية تداركها الدمار ومَن كان بداخلها ، لتصبح شهادة على جبين مَن اكتفوا بالتفرُّج وإسرائيل تذبح ما تجاوز الثلاثين ألف مواطن ومواطنة أغلبهم من الأطفال والنساء والعجزة ولا حول ولا قو ة الا بالله العلي القدير العالم الأوحد بخبايا القلوب وما يحوم من نوايا حولها .

… كلما تجوَّلت في هذه الربوع خِلتُها متروكة لمصيرها ، ينزع القحط يناعتها ، ويجف الجفاف ريقها ، ويضيف لكآبتها حرمان القوم في الأرياف من أدنى وسائل العيش يصرخ أن الحياة تحيا أزمة حياة على جميع المستويات بلا حل لمشاكلها ، مما يجعل القول يتحمَّل مسؤولية البوح بما ظل خارج النقاش المفروض على المسؤولين معايشة مواضيعه المرتبطة بالإنسان الموريتاني أكان قائما في المدن أو داخل مناطق نائية في عزلتها ، منسي نسياناً يضاعف من تقصير متراكمٍ لا تؤخذ خطورته بعين الاعتبار  كأن الدولة في غنى عن طبقة ربما تكون غير محصية  هائمة على وجهها ، متى وجدت ما تسد به الرَّمق حطت الرحال في حال لا يبشر بحسن مآل لها وذويها  .

… مرَّت الخمس سنوات الماضية كصبِّ قطرات ماء على رمال يحرِّكها ريح (عدم استمرار الخضوع للسياسة المتبعة حاليا)  هائج ، فلا مناص حيال المقبلين على مرحلة  أخرى سوى البحث فيما تبقَّى من وقت عن أفكار تناسب الألفية الثالثة فيما رسَّخته من عدم الاكتراث بالزعامات التقليدية والانطلاق مع المسؤولية الجماعية لفرض منهج العناية أولاً بالفرد المواطن وإعادته من حيث وصل عن خطأ إلى الوصول حيث وَجب عن صواب إذ من ورائه دولة وليس زعيم (مهما كان) بعنتريات مع أوهام دوام البقاء مندمج ، موريتانيا عذراء لا زلت قابلة لاستيعاب الزواج الشرعي القائم على أسس الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ومؤسسات بحيوية الشباب وطموحات محبي الاستقرار والسلام لكل ربوع الوطن ، الزواج من تنمية بقرار محلي وليس تابعة لبقايا توابع أينما كان مصدرها ، ما دام الاعتماد على النفس من شيم المصلحين الأتقياء المازجين التمتع بالحقوق مع القيام بالواجبات ، فإدراك البسيط المتواضع عن عرق يُبذل يتبعه ضعف المنتوج كلما دارت حركة العمل بنية التطوير واستغلال كل مردود مادي مِن صرف ما سبق في محله وليس لإرضاء جيوب قلة على حساب أغلبية مُسْتًغَلَّة ، ولتُدرس الميزانيات العمومية بما يحيط بمدخراتها أو عجزها الجميع علماً ، وبخاصة الهيئات السياسية لتقوم بدور التمعن والتأمل والرقابة الشعبية قبل وبعد شهادات المؤسسات المنتخبة التي غالبا ما تصب في صالح النظام الحاكم إذ الأخير خلاصة نجاحها حينما حظيت بالتربع فوق كراسي تمثيل المصوتين عليها كجزء من الشعب وليس الشعب برمته. المعتمدين على الديمقراطية في هذا الشأن يبعدون نقصها المُطلق في تثبيت نظرية المساواة ، ما دامت تعتمد الأغلبية في كل استحقاق حتى ولو قادها من لا يستحق حتى الثقة مع نفسه بالأحرى ثقة الأمة به . لهذا خير لمل حملت اسم الإسلام شعارا لدولتها كموريتانيا ، الالتزام بتعاليم هذا الدين الذي أخرج الإنسان من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة .

مصطفى مُنِيغْ

سفير السَّلام العالمي

00212617942540

التعليقات مغلقة.